
تحت رعاية معالي عبدالله بن سلطان النعيمي، وزير العدل في دولة الإمارات العربية المتحدة وبرعاية كريمة من قبل مصرف أبوظبي الإسلامي عقد المركز الإسلامي الدولي للصلح والتحكيم (المركز) يومي الخميس والجمعة يومي 22-23 جمادى الأولى 1447 هجري الموافق 13-14 نوفمبر 2025 مؤتمره الدولي السنوي في دبي بعنوان "إطلاق النموذج الدولي لعقد المقاولات المتوافق مع الأحكام الشرعية - IBCC – 2025): بنود مثالية متوازنة، وآليات مبتكرة لتسوية النزاعات" والذي أطلق فيه العقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات -IBCC 2025 وذلك بهدف إرساء معايير التوازن والعدالة في صياغة عقود المقاولات، بعيدًا عن أي ظلم أو غرر أو جهالة، وتعزيز التكامل بين الخبرة الشرعية والهندسية والقانونية لإنتاج عقد نموذجي يمكن اعتماده في مشاريعنا ومؤسساتنا، ويكون مرجعًا يُحتذى به في العالم الإسلامي وخارجه خاصة في الدول التي تعتمد نظام القانون المدني civil law، فضلا عن تطوير آليات مبتكرة لتسوية النزاعات تستند إلى مبادئ التحكيم والصلح والوساطة بروح إسلامية حضارية.
وفي افتتاح المؤتمر أكد معالي/ عبدالله بن سلطان النعيمي، في كلمته على أهمية المؤتمر الذي يطلق من خلاله العقد النموذجي لقطاع المقاولات ((IBCC-2025، كما أضاف معاليه بأن المؤتمر يشكل خطوة رائدة تعكس عمق التراث القانوني الإسلامي وثراءه، وقدرته على مواكبة التطورات الاقتصادية والعمرانية في عالمنا المعاصر، كما تأتي أهمية العقد النموذجي الدولي لعقود المقاولات المتوافق مع الأحكام الشرعية، باعتباره خطوة ثمينة نحو توحيد المفاهيم، وتنظيم الممارسات التعاقدية في الدول العربية والإسلامية على أسس منضبطة، مستمدة من تراثنا الفقهي الغني، ومتكاملة مع المعايير الدولية التي اعتمدتها عقود الفيديك، ولكن في إطار يراعي الخصوصية الإسلامية ويضمن الامتثال الأحكامها، كما أشاد معاليه بدور القيادة الحكيمة التي تمتعت بنظرة استشرافية للمستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها، باعتبارها أمة شابة طموحة، فقد صاغت تشريعاتها بما يعكس مكانتها كمركز عالمي للأعمال متعددة الثقافات، حيث نص قانون المعاملات المدنية في مادته الثانية على أنه يرجع في فهم النص وتفسيره إلى قواعد وأصول الفقه الإسلامي، وهو ما يعكس إدراك المشرع الإماراتي لأهمية الفقه الإسلامي كمصدر أصيل للتشريع المدني. كما أكد المرسوم الاتحادي رقم (31) لسنة 2021 بشأن قانون الجرائم والعقوبات على جزاءات المسؤولية في عقود المقاولات، وفرض عقوبات ردعة على كل من يخل بالتزاماته في تنفيذ هذه العقود وحماية الحقوق وصونًا للعدالة، واختتم معاليه كلمته بأن هذه المبادرة تمثل إضافة نوعية للجهود المبذولة لتعزيز التعاون القانوني والاقتصادي بين الدول الإسلامية، وترسيخ مبدأ العدالة في عقود المقاولات، بما يحقق التنمية المستدامة في ضوء قيمنا ومبادئنا الإسلامية السمحة.
من جانبه عبّـر البروفيسور جاسم علي سالم الشامسي، رئيس مجلس أمناء المركز عن شكره لمعالي وزير العدل على رعايته "الأمر الذي يعكس اهتمام القيادة الرشيدة بتنمية وتطوير الاقتصاد الإسلامي وذلك ضمن الاستراتيجة التي وضعتها دولة الامارات العربية المتحدة لتطوير الاقتصاد الإسلامي وصناعة الحلال لسنة 2031، كما شكر البروفيسور الشامسي كافة الجهات المشاركة في تنظيم المؤتمر على رأسها معهد التدريب والدراسات القضائية، وزارة العدل، ومركز الشارقة لتطوير الاقتصاد الإسلامي، والرعاية الكريمة لمجموعة مصرف أبوظبي الإسلامي حيث تأتي رعايته ضمن النشاطات التنموية والمجتمعية المتعددة التي يمارسها خدمة للصناعة المالية الإسلامية.
وفي كلمته أكد أمين عام المركز الدكتور/ رامي سليمان بأن قطاع المقاولات والإنشاءات لم يعد مجرد قطاع ثانوي أو عابر، بل أصبح محرّكًا ورافدًا رئيسًا للتنمية الاقتصادية، وميدانًا هامًا تتلاقى فيه مصالح أصحاب المشاريع، والمطورين العقاريين، والاستشاريين، والجهات الحكومية. وفي خضم تلك العلاقات المتشابكة، تبقى العقود هي حجر الزاوية وصمام الأمان خاصة في الدول التي تعاني قصورًا في التشريع، فهي التي تُحدّد الحقوق والواجبات، وتبني الثقة بين الأطراف. غير أن الواقع العملي يشهد اليوم تزايدًا في الخلافات والنزاعات التعاقدية وذلك نتيجة للظلم والجهالة والتدليس الذي يطال الكثير من نماذج العقود المستخدمة في قطاع المقاولات. ومن هنا كانت فكرة تقديم نموذج عقد إسلامي متكامل، يوازن بين مصالح جميع الأطراف، ويستند إلى مبادئ الشريعة الغرّاء في العدل والإنصاف، ويواكب في الوقت ذاته أحدث الممارسات الهندسية والقانونية العالمية، وقد وجه الأمين العام للمركز شكره للمهندس الدكتور/ كمال عدنان ملص (رئيس لجنة الصياغة والتدقيق) ، وبعد عام كامل من العمل بجد ووتيرة مزايدة ومتناسقة وصلنا إلى العقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات ((IBCC-2025 الذي يمثل رؤية إصلاحية تنطلق من روح الإسلام في بناء العلاقات على أساس الثقة والتعاون والنية الصادقة، وتسعى إلى تقليل النزاع قبل أن يقع، وإن حصل وتفاقم ذلك النزاع فإن العقد يحيله إلى أنجع السبل لتسوية النزاعات عبر الصلح والتحكيم المؤسسي وذلك في وقت وجيز، وبأقل التكاليف الممكنة.
وقد تضمنت فعاليات المؤتمر ضمن فترته الصباحية جلستين حواريتين؛ تنتناول الجلسة الأولى "العقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات (IBCC – 2025) : الواقع والمأمول"، تلي ذلك جلسة ثانية استسعرضت "عوارض أعمال المقاولة، وأثر العقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات (IBCC – 2025) في معالجتها"، أما في الفترة المسائية فقد تضمنت جلسة ثالثة بعنوان "الدفعة النهائية، وتسليم المشروع، وضوابط الضمان، وفق العقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات (IBCC – 2025)"، وجلسة أخيرة تناولت “تسوية النزاعات والتحكيم في العقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات (IBCC – 2025)“، كما تضمن اليوم الثاني للمؤتمر عقد ورشات عمل متخصصة قدمها مدربين أكفاء تتناولت الجوانب القانونية، الشرعية، الهندسية، والمحاسبية للعقد النموذجي لقطاع المقاولات - (IBCC-2025).
وبالاطلاع على آراء ومقترحات المشاركين في المؤتمر من ذوي الخبرة والاختصاص، رصدنا توصيات عدة تمثلت فيما يلي:
1- تعميم العقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات ((IBCC-2025 باللغتين العربية والانجليزية، والعمل على تطويره من خلال تلقي الملاحظات والتوصيات من الممارسين، ودراستها بعناية وصولاً إلى الإصدار المحدث الذي سيطلقه المركز في مؤتمره القادم المزمع عقده في سنة 2026م.
2- تكثيف جهود التدريب والـتأهيل التي تعني بها جهات الاختصاص على غرار معهد التدريب والدراسات القضائية، وزارة العدل ومركز الشارقة للاقتصاد الإسلامي، وذلك لتأهيل كوادر مهنية وقانونية وفنية ملمة بالجوانب القانونية والشرعية والفنية للعقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات ((IBCC-2025.
3- توسيع دائرة الاستفادة من خدمات المركز وعلى رأسها تسوية النزاعات عبر الصلح والتحكيم المؤسسي بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك من خلال استخدام العقد الإسلامي النموذجي لقطاع المقاولات ((IBCC-2025.
4- دعم المركز ومؤسسات البنية التحتية للصناعة المالية الإسلامية من أجل بذل المزيد من الجهود الرامية لإيجاد عقود نموذجية تضبط المعاملات المالية الإسلامية على غرار العقد الماثل، والعمل على تقنين فقه المعاملات المالية الإسلامية.
تجدر الإشار بأن المركز مؤسسة دولية مستقلة تعتبر أحد أهم مؤسسات البنية التحتية للصناعة المالية الإسلامية، والذراع القانوني لها، وهي الوحيدة من نوعها المستضافة على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، وتقدم خدماتها للصناعة المالية الإسلامية في العالم كله.